الاستاذ المحامي حاتم السر علي
الموقع الشخصي للأستاذ
أعتذر للشعب السوداني.. وعينا السياسي لم يرتق لمستوى طموحات الشعب

حاتم السرلـ (اليوم التالي): أعتذر للشعب السوداني.. وعينا السياسي لم يرتق لمستوى طموحات الشعب.

Share on facebook
الفيسبوك
Share on twitter
تويتر
Share on linkedin
لينكدإن
Share on whatsapp
الواتسآب

حاورته بالقاهرة: صباح موسى

*شهدت حكومة الإنقاذ على مدى سنوات طويلة مشاركات من أحزاب وحركات كثيرة ومن أشخاص عدة، شاركوها الحكم وخرجوا منها معارضين مهاجمين، ومنهم من دخلها مرات وخرج منها ولم تطله سهام النقد العنيف مثل الذين شاركوها قبل السقوط، وهؤلاء كان لهم القدح المعلى من الهجوم… (حاتم السر) كان أحد الذين شاركوا الإنقاذ قبل سقوطها، ولم ينس له الناس هذه المشاركة، بل اعتبروه أنه كان إنقاذيا أكثر من الإنقاذ، ربما كان حظه مشاركة السقوط الأخير الذي أودى به بعيدا عن مسار التغيير مرفوضا ومنبوذا.. حاولت (اليوم التالي) اللقاء بالرجل ومواجهته في حوار قد يكون محاكمة شعبية عن مشاركته ومواقفه الأخيرة، قبل أن يقدم دفوعاته قدم اعتذاره بشجاعة للشعب السوداني، وتحدث عن مشاركته للمؤتمر الوطني والبشير والتي أكد أنها كانت باسم الإتحادي الديمقراطي وتعبيرا عنه وليس عن رغبته الشخصية، مبررا المشاركة بمشاركة الكثيرين من القوى السياسية وليس الإتحادي وحده، معبرا عن استيائه من حملة الهجوم على شخصه، حزينا من أقلام نهشته وكان يظنها صديقة، متحملا المسؤولية عن فترة توليه الوزارة، ومستعدا للمحاكمة والمساءلة عن تصرفاته وسلوكه بها.. فيما يلي ضوابط المرافعة

# انت مطالب بتقديم اعتذار للشعب السوداني عن مشاركتك للبشير حتى سقوط النظام. ؟


نحن بشر، والبشر خطاؤون وخير الخطائين التوابون، والاعتذار عن الخطأ فضيلة وممارسته شجاعة، ولكن في بعض المواقف يكون السكوت والتفكّر والتأمل، أبلغ أثراً من مجرد إطلاق الاعتذارات المجانية الباردة، على الهواء هكذا لترضي بعض الناس أو كلهم، دون عظة أو تفهّم، أحد أصدقائي من الحكام الجدد، كان كثيرًا ما يرسل لي أيام الوزارة أنه ما كان يتخيلني أن أقف بجانب البشير الذي حملت السلاح ضده، قبل أيام وجدته يقف أمام البرهان وقائد الدعم السريع، بعد أيام من المظاهرات الأخيرة التي تشكلت لجنة لبحث القمع الذي جرى فيها، فهاتفته مراراً لأقول له إنني أتفهّم تماماً أنه يقف مع خصوم الأمس لأجل الوطن، ولا أريد أن ألومه، ولكنه لم يرد، أود أن نوسّع أفقنا ونظرنا، التوبة من العبد تكون لله، ومثلنا لا يندم على ما قدم، لأنه قدمه بنيّة خالصة لوجه الله ولصالح الوطن، وإن كان من غلط فنستغفر الله ونعتذر للشعب، وأؤكد بكل شجاعة أن إصرارنا أبدًا كان خدمة الوطن، وكثيرًا ما كنا عرضة للانتقاد، ولطالما ما اعتذرنا للطلاب، والأصدقاء والجماهير وللشعب.

# عفواً.. هذه الإجابة ليست اعتذاراً


أنا دائما أبادر بالاعتذار عندما أقع في الخطأ، وهو عندي بمثابة تعويض معنوي أدفعه عندما أخطئ في حق الغير، ولكن في هذه الحالة المعقدة القضية ليست شخصية وليست تصرفاً فردياً يخص حاتم لوحده، إنها قضية تهم الكتلة السياسية السودانية كلها، من التجمع الوطني الديمقراطي، قبله بدأت بالشقيق الراحل الشريف زين العابدين الهندي رحمه الله ورضي عن والده، وبعده انثلم عقدنا حينما وقع الحبيب مبارك الفاضل الاتفاق مع مصطفى عثمان إسماعيل في جيبوتي بحضور الحبيب الإمام الصادق المهدي والرئيس البشير، وأفضى لمشاركة الأمة وانشقاقه الحزين، وهذه قضية تهم الراحل العظيم جون قرنق وصديقي الرفيق ياسر عرمان، وتهم الراحل نقد، والراحلة العظيمة فاطمة أحمد إبراهيم، وتهم أستاذي فاروق أبو عيسى، وتهم الراحل الشيخ حسن أبو سبيب، وأستاذي القدير علي محمود حسنين، وكل المشاركين في برلمان ٢٠٠٥، وتهم المشاركين في إنتخابات ٢٠١٠، وتهم المشاركين في الحوار الوطني، ثم تهم الحزب الإتحادي الديمقراطي بأكمله، والذي كنت أمثله، والذي دفع بي للدخول في تلك التجربة وفقاً لقراره، الذي لا ناقة لي فيه ولا جمل، دعيني أكون واضحًا معك، أنا أملك بعض شجاعة الفرسان ومن أخلاق الأبطال، ما يؤهلني لأقول أعذروني فقد أخطأت، ولكني آثرت أن أسلك طريقا آخر، وأقدم شهادة للتاريخ أرضي بها ربي ونفسي، وأشرح للأجيال لماذا شارك قرنق البشير، ولماذا وقع معه الصادق المهدي الاتفاقات، ولماذا جلس نائب رئيس حزبنا ليوقع الاتفاق مع نافع، ولماذا خرج الحلو من الحكومة الماضية وكذلك القائد مني أركو مناوي ومالك عقار، من خلال إعداد كتاب يشتمل على مراجعات ونقد ذاتي للتجربة كاملة من بداياتها إلى نهاياتها يشتمل على توضيح وشرح لكل أبعاد المشاركة الداخلية والخارجية وما حققته من نتائج، أظن أن هذا أكثر فائدة من اللهث السياسي، والاعتذار السياسي البارد الذي يمد بعده السياسي لسانه لمن يعتذر لهم، أنا أحترم نفسي وأحترم شعبي وأتقبل غضب البعض المشروع.

 في نظر الكثيرين إن موقف الحزب الاتحادي الديمقراطي من المشاركة في حكومة الإنقاذ كان خاطئاً وغير مبرر هل تتفق مع ذلك؟


كثيرون كانوا يراسلوننا ونحن في أرتيريا وجبهات القتال ضد حكم الجبهة ويقولون لنا من داخل السودان، كيف تقاتلون إلى جانب قرنق المسيحي، وفلان الشيوعي وفلان الكذا، تقاتلون أبناء حاضنتكم السياسية وأولاد الخلفاء، ولو يملك حديثوا العهد بالسياسة ذاكرة تحليلية، تنظر إلى الأمور بمنظور بناء الوطن، لعلموا أن تلك كانت لبنة تأسيس الوطن الثانية، التي أعادت تأسيس العقل السياسي على المواطنة ونبذ الجهوية، كان بعض الناس يرسل لنا ويقول، إن من تقفون إلى جانبهم ينتظرون اللحظة التي ينقضون عليكم، وحينما تأتي سيأكلونكم ويحطموا مقاديفكم قبل أن يهاجموا حتى الكيزان ولم نصدقهم، ولن نفعل لأننا نؤمن بأن علينا أن نقف حيث توجد مصلحة الوطن حيث يتوازن البناء، قدرنا أن نمنع الحرب الأهلية الحقيقية، ونؤجل اصطدام العنصريين وضيقي الأفق ببعضهم، رواية الأحداث السياسية بهذه اللغة الخشبية، هو تسطيح وقيادة للبلاد نحو الهاوية. يأتيك أحدهم ويقول (الحزب شارك البشير)، وكأنه لا يدرك كم رصاصة أطلقتها قوات الفتح، وكم شهيد دفنته يداي، وكم قتيل آلمنا قتله، وكم ذكرى موحشة تجتاح صدورنا، وكم كانت المنافي مرة، والصقيع مؤلمًا ونحن نجول بين البلاد من أجل وقف (ذبح السودان من الوريد إلى الوريد)، نحن قاتلنا الوحوش، ولكنا لم نرضى لأنفسنا أن نتحول إلى وحوش مثلهم، لن يكون أساس تعاملنا أن نعمل بدافع الكراهية فقط، لدينا إعتبار إستراتيجي وصادق لمصلحة الوطن، وعهد غليظ أن نعمل لما ينفع الناس، أنظر للسنة التي شارك فيها الحزب، وأنظر إلى دول الجوار التي كانت تنهار وتغرق في بحار من الدم، كل الأصدقاء والحلفاء، كل الذين ينتقدونا اليوم، قالوا لنا السودان يضيع، وكنا نرى ذلك، لم يكن هناك من بد من المشاركة. شخصيًا كنت ضدها بكل قوة وضد الانتخابات وضد الرجوع إلى السودان، ولكني أدرك صوابية وشجاعة قرار الأغلبية التي كانت ضدي، وقالت بضرورة النظر إلى الوطن، لا إلى التعنتات الشخصية والمواقف المنطلقة من محض الكراهية، الكيزان أكثر من يعلم أن حاتم السر ليس معهم، منذ يفاعته إلى يوم الختام، ولكنهم يعلمون أن حزبنا مع الوطن، كما يدرك غيرهم، وكما يأتي أغلب أعضاء الحرية والتغيير والمكون العسكري ليقولوا ذلك لنا فرادى، الحزب برر مشاركته في الحكومة في تلك الفترة بحرصه على حقن الدماء السودانية وأحداث تغيير داخل بنية النظام القائم وفي سياساته، وهذا ما كان يدعو إليه كثيرون من حكومات دول شقيقة وصديقة ومنظمات وأحزاب ومثقفين، وبرغم مشاركة الحزب إلا أنه أعلن بوضوح أن المشاركة في السلطة لا تعني التحالف مع المؤتمر الوطني وكل من يعرف الحزب الإتحادي يعرف جيدا أنه من أشد خصوم الإسلام السياسي والاخوان المسلمين، ولذلك لم يمنع الحزب الإتحادي الديمقراطي قواعده وكوادره من الانتظام في أعمال المعارضة بإعتبار أن الجميع يعملون من أجل هدف واحد وهو التغيير نحو التحول الديمقراطي، ولا شيء سوى التحول الديمقراطي، الذي أمضي حزبنا أعواماً طويلة يناضل من أجله مستخدماً كل الوسائل.

# البعض ينظر لمشاركة الحزب في الحكومة باعتبارها أكبر وأخطر تنازل قدمه الحزب في تاريخه معترفاً بحكومة الإنقاذ في آخر سنواتها ما رأيك؟


فعلاً هي خطوة تنازلية كبيرة في ظاهرها، ولكن في باطنها غير ذلك، وحتى بمنطق البعض الذين تتساءلين باسمهم فإن الحزب الاتحادي الديمقراطي يعتبر آخر حزب يتعامل مع المؤتمر الوطني، فقد سارت ركبان القوى السياسية كلها بهذا الطريق، إبتداءا بجنيف ومروراً بجيبوتي ونيفاشا وأبوجا وأسمرا والقاهرة، وبقي الحزب الإتحادي وحيداً كالسيف حتى زعيمه مولانا الميرغني رفض العودة للسودان، وكانت الوساطات التي تأتي تطالبه بالعودة، جلها من قادة كبار من أحزاب معارضة، ولكنه كان معتصمًا بتقديراته وكان آخر العائدين، ومشاركة الحزب في الحكومة بعد انتخابات ٢٠١٠، إقتضتها تطورات ومتغيرات داخلية وخارجية، تحكمت فيما شهدته مواقف الحزب من تحولات ومخارج من هذا المأزق، أو ذاك بعضها يقال والآخر يعرف ولا يقال، ويومها كانت تكتل يقوده تحالف الأيديولوجيا المتناقضة، وآخر يريد الحكم، وكنا نرفض الانحيازات هذه، هناك مداخل مختلفة لقراءة تحولات الحزب، مدخل سطحي يحيل كل شيء الى الرغبة في السلطة والحكم تحقيقاً لنزوات شخصية، أو رغبات أنانية مقابل مفهوم منطقي يضع الأحداث في سياقاتها الموضوعية ويرجعها لأسبابها الحقيقية باعتباره موقف لا يجوز قراءته إلا على نحو سياسي وبناء على معايير سياسية، أنا أرى أن خصوم الحزب وقيادته، ظلوا يترصدون كل مواقفه، وهذه العبارة بالتحديد ظللت أسمعها صباح مساء منذ ١٩٩٠، من أناس ويا سبحان الله، ما انتقدوا به القيادة، يفعلونه على مستوى أكثر بشاعةً وأشد سوءًا، وليتهم يسمعون قول الشاعر العربي لا تنه عن فعلٍ وتأتي بمثله عارعليك إذا فعلت عظيم.

# أصبحت عودتك للملعب السياسي من جديد مرهونة لدى الثوار والشباب بتقديم اعتذار واضح ونقد سياسي شجاع لموقفك القديم متى ستفعل ذلك؟


من يعرف قديمنا لا يطلب مني اعتذاراً، بل يسأل بلطف لأوضح وأشرح وأعطيه السياق، أما الذي يأتي لاعتذار يريده مني له شخصيًا لأمر آذاه، فلن أتردد في الاعتذار له، حتى ولو كنت على صواب، لأن أقسى ما في الوجود هو أن تجرح بلسانك شخصاً، كنت تريد أن تطمئنه، أما الاعتذارات العمومية المجانية هذه، فلست من روادها، لقد سبق أن أوضحت لك بأني أعكف حالياً على إعداد مراجعات ونقد وتقييم للتجربة وإصداره في كتاب مستفيداً من حظر التجوال المفروض علينا بسبب الكورونا حتى تكون الصورة واضحة والحقيقة مبسوطة ومطروحة أمام الجميع بتفاصيلها المملة وحينئذ نقبل بما يصدر تجاهنا من أحكام بموجب الحيثيات المطروحة.

# الرأي العام ينتظر منك الاعتراف بالخطأ والاعتذار قبل المراجعات وإصدار الكتاب فلماذا تتهرب من تقديم الاعتذار للشعب السوداني؟


الشعب السوداني العظيم أحبه وأجله وأعتذر له عن كل ما يؤذيه، أعتذر له أنّ وعينا السياسي لم يرتق لمستوى طموحاته ببناء دولة مؤسسات، يحكمها القانون تسودها الديمقراطية، أعتذر له أنّه بعد أن انتخبنا في ١٩٨٦، انقلب حزب مدني على السلطة، واستخدم الجيش في العملية السياسية، أعتذر له أن رعونات مجتمعنا السياسي أضاعت السلام في١٦ نوفمبر ١٩٨٨، أعتذر له أن الغيرة السياسية قتلت التجمع الوطني الديمقراطي، أعتذر له أننا تسببنا بعدم جدية دعمنا للوحدة بانفصال جزء عزيز من بلادنا، أعتذر له أن وعينا السياسي الرغبوي إقصائي ويسعى لاختزال الوطن في نخبة وحزب ولا يعمل إلا لنفي الآخر، يبدو أن حوارك مرتبط بأن يقول حاتم السر أنا أعتذر والسلام، وليس عزيزًا على شعبنا أن أقبل لخاطره بهذا الاعتذار، وأقول بلسان الشاعر مصطفى سند: ما عدت قادر أنتظر… سامحني غلطان بعتذر… ما كنت قايل من عتاب تحكم على بالوحدة والشوق والعذاب. أنت القبيل شلت الصعاب… في دربو عديت ألف باب. إذا كان قبولي بقرار الحزب الذي أنتمي له وانصياعي لتوجهاته يعتبر خطأ يتطلب الاعتذار، فإني أعتذر بالصوت العالي للشعب السوداني والاعتذار ليس عيباً ولا ضعفاً ولا إذلالاً، الاعتذار قوة وشجاعة.

# إذا تقبلك الرأي العام وسامحك بعد هذا الاعتذار، هل سيقبل بك الإتحاديون قائداً حزبياً؟


القيادة لا تعطى لمن يطلبها ولا لمن يسعى لها، وأنا لا أطرح نفسي قائدًا، في حزب فيه العمالقة وقادة الأمة الروحيين والمثقفين، أنا ببينهم ومنهم وإليهم، ولكن نحن الإتحاديون في الأساس حزب وسط معتدل ومتسامح أخذ سماته من القيم الإنسانية للمجتمع السوداني الذي لا يعرف الأحقاد وينبذ الكراهية وخط حزبنا هو خطاب المصارحة والمصالحة والاتفاق والوفاق ويرفض الحزب كل ما يناقض ذلك، ونحن أكثر حزب سوداني حرصاً على ترسيخ السلام الاجتماعي والتعايش السلمي بمعزل عن تباينات وتناقضات المواقف السياسية وتجاذباتها اليومية ومن المفيد التوجه نحو المستقبل عوضاً عن نبش صفحات الماضي، وأنا على المستوى الشخصي أعبر بوضوح بأنه ليست لدي أي رغبة أو تطلع لأي موقع حزبي، وأكتفي عن قناعة ورضاء بمجرد انتسابي عضواً وجندياً في الصفوف الخلفية للحزب وعلى الشباب أن يتصدوا لتحمل مسؤوليتهم لتولي زمام القيادة ونحن رهن إشارتهم لتلبية كل ما يطلب منا .# أحزاب كثيرة هربت من الحكومة عندما رأت مركبها تتمايل للغرق لماذا لم ينسحب حزبكم؟
لكل حزب تقديراته الخاصة، وكل إناء بما فيه ينضح وسياسة الهروب من المركب الغارقة والنفاد بالجلد، هذه سياسة حزبنا لا يحسنها ولا يستحسنها والحزب يتحمل بشجاعة مسؤولية ونتيجة سياساته ومواقفه ولا يتهرب منها.

# من خلال متابعتي لحسابك على “تويتر” وقفت على هجوم كاسح عليك بعد الثورة بسبب قبولك للوزارة في حكومة البشير، كيف تتعامل مع هذا الوضع الصعب؟


بالفعل أتعرض للكثير من النقد والهجوم “التويتري” العنيف والظالم والذي يصل أحيانا حد القسوة، ولكني أتحمله بصبر وتفهم، وتعودت على ذلك منذ انخراطي في العمل العام من بوابة ممارسة النشاط الحزبي والحراك السياسي، وبصراحة أقرأ كل المداخلات وأقوم بالرد عليها جميعاً، أحياناً الوقت لا يسمح، ولكني أحرص على الرد على الإيجابي منها، وأصرف النظر وأتجاهل المسيء منها، وأكثر ما يحزنني هو أن الشبكة العنكبوتية، سمحت لأصحاب الحسابات المزيفة أن يهاجموا الأشخاص الحقيقيين، أنا أتحفظ على مصطلح الذباب والجداد الإلكتروني، فهي تحقير لبشر لديهم آراء، مهما كانت دنيئة أو تحاكي بعضها، بالرغم من أني أعاني من الظاهرة، فدائماً تصلني من حسابات مزيفة وأسماء مستعارة ردود وتعليقات مشبوهة ومحشوة بالسباب والإساءة وقلة الأدب وفي الغالب لا يكون لها علاقة بمضمون ما كتبت، ولكن في الجانب الآخر هناك خبراء وأساتذة، أسعد بنقدهم، منذ ٢٠١١، وكثيرًا ما استفدت منهم في عملي في الوزارة، وتراسلت معهم، وهم من خيرة الخبراء الاقتصاديين والمفكرين والمثقفين. بالإضافة إلى الأصدقاء الشخصيين.

# لماذا تتهاون وتتساهل في الردود على من يتطاولون عليك وقد فهموا عدم ردك عجزاً واعترافاً بالذنب؟


أولا قررت عدم حظر أي متابع مهما قال بعد تجربة وعاهدت نفسي ألا أقوم بعمل(بلوك) إطلاقاً، ومتي ما اقتنعت بأن شخصاً ما، ما هو إلا مجرد مستفز وأحمق ببساطة أتجاهله تماماً، ولست عاجزاً عن الرد عليهم وعلى إفتراءاتهم، لا أحب تعبير نيتشة الذي يقول لا تقصف الذباب بمدفع، لأنه إمعان في تحقير الآخر وفيه عجب بالنفس لا أرضاه لنفسي، ولكن ما أود تأكيده: ما يظنه الجهلاء ضعفاً وعجزاً هو حلم وأدب.

# لماذا هذه الحملة الشرسة ضد حاتم السر تحديداً دون سائر الذي شاركوا الإنقاذ وماهي أسبابها الحقيقية؟


المقام ليس مقام تبرير حتى أقوم بتذكير الآخرين بهرولتهم نحو المؤتمر الوطني وإبرامهم الاتفاقيات معه وتركهم لنا في مياديين المواجهة وجبهات المقاومة وحيدين، وهذه الحملة الظالمة التي تعرضت لها انطلقت من منطلقات مختلفة بعضها من الذين كانوا يحسنون الظن بنا ولا يريدون أن يروني في الحكومة وقد فجعوا بقبولي للوزارة وهؤلاء أجد لهم العذر، وأسوأها تلك التي حركتها منطلقات أيدولوجية بحتة من جهات تكن العداء لحزبنا وإن أظهرت خلاف ذلك، وأشدها مرارة على النفس تلك التي ناوشتني من أقلام كنت أعتقد أن حملتها من الأصدقاء أو على الأقل ليس من الأعداء وبعضهم من أبناء جلدتنا أمطروني بنيران صديقة بلا رحمة ولا رأفة وكشف لي تصرفهم هذا عن كم الأحقاد والغيرة والحسد التي تملأ قلوبهم وجوانحهم سامحهم الله.

# بعض القيادات من حزبكم بالذات لم تكتف بتوجيه النقد العنيف لكم بل ذهبت إلى نصب المشانق لاغتيالك، كيف تتصرف مع هذه الأجواء؟


هذه مناخات وأجواء أجيد فيها الإبحار باطمئنان دون خوف من الغرق متسلحاً بخبرة تراكمية عريقة، وأنا أتيت للوزارة من قيادة الحزب الإتحادي الديمقراطي ومن معسكر المعارضة التي أعرفها وتعرفني، ولست قادماً من (التنظيم السري العقائدي للإخوان)، أتيت للوزارة وأنا من أشد المعارضين للإنقاذ والداعين إلى إسقاطها وتغييرها، وخلال مشاركة حزبي لها في السلطة وفق الخطة المتفق عليها والأهداف المحددة أديت دوري المرسوم، وعبرت عن مواقف الحزب في منابر الحكومة داخل مجلس الوزراء والبرلمان وللرأي العام في كثير من القضايا التي لم تكن متوافقة مع رأي المؤتمر الوطني، فأنا لا أنتمي له وأقول هذا الكلام للتاريخ ليس بحثا عن براءة لشخصي أو إدانة لغيري بل لوضع الأمور في نصابها الصحيح ولنقول لا للمتاجرة والمزايدة على المواقف.

# عفواً، سجلك القديم المعارض للإنقاذ معروف لكن في نظرهم أنك دمرته بمشاركتك في الحكومة وبقائك بجانب البشير حتى لحظات السقوط؟


نعم شاركت لأن الحزب شارك، وأنا مع الحزب وعلى المستوى الشخصي إعتذرت عن ذلك وندمت عليه، ولكن مهم جداً التوضيح إني لم أرتكب خطأ ولا فساداً ولا انتهاكاً لحق من الحقوق يستوجب المساءلة والمحاسبة ولم أتورط في جرائم تتطلب الإدانة، وما زلت مستعداً ومتاحاً لأي محاسبة أو مساءلة أو محاكمة على أي فعل أو تصرف أو سلوك قمت به خلال فترة تولي الوزارة وهذه بمثابة دعوة لكل من يعرف لنا سوءاً فليكشفه ولا يتستر علينا.

# كيف تحاكم وأنت موجود خارج السودان؟


وجودي بالخارج مؤقت ينتهي بانتهاء الحظر الذي فرضته الكورونا وبمجرد فتح المطارات سأعود للخرطوم وتواجدي الحالي بناء على تكليف حزبي لإنجاز مهام من قيادة الحزب.

# كمراقب ما هو أكثر ما يزعجك من أداء الحكومة الانتقالية برئاسة حمدوك؟


البطء الشديد.. الحكومة بطيئة وتعاني من مشاكل وعشان تنجح محتاجة تجري بسرعة الفيراري وليس اللواري.. وأخشى عليها من الخريف.

# هل تبرعت لمشروع “القومة للسودان” الذي أطلقه رئيس الوزراء؟ وما رأيك في نداء الشيخ عبد الحي يوسف بعدم جواز التبرع للحكومة الحالية؟


أنا خارج السودان، ولكن أحد أفراد الأسرة تبرع عني بمبلغ يتناسب مع قدراتي المالية، من أجل المساهمة في قومة الوطن وبما أن هذه حملة قومية لدعم الوطن فأيادينا للبلد، وأتمنى أن تنجح مساعي الحكومة الإنتقالية في تحقيق الرفاه لإنسان السودان، أما الشيخ عبد الحي فهو حر فيما يقول، وفيما يرى ولا يرى لا يلزمنا بمواقفه ولا نلزمه بموقفنا، وأنا شخصياً ضد فكرة أنت معي فأنت قديس وأنت ضدي فأنت إبليس.

# قدراتك المالية يفترض تكون متناسبة مع حجم ما يكتب عن الثروة الضخمة التي تمتلكها بسبب المشاركة؟


ضخمة مرة واحدة.. رغم إن أهلنا قالوا (لو قالوا ليك سمين قول آمين)، إلا أنه ليحزنني أقول لك أن هذا الكلام فارغ، ومضحك لأسرتي الصغيرة، والغرض منه تشويه سمعتي، أنا شخص مسكين لمن يعرفني، ولمن لا يعرفني فأنا لا أملك ثروة ولا حسابات ولا إستثمارات ولا عقارات، وعايش الحمد لله برزق اليوم باليوم راضياً بما قسمه الله، والوزارة دخلتها شبه ثري، وخرجت منها شبه معدم، ولست نادماً على ذلك.

# كيف تنظر لقرارات لجنة إزالة التمكين؟


نرحب بأي قرارات وإجراءات لمحاربة الفساد ومحاكمة المفسدين واسترداد أموال الشعب وحقوقه المنهوبة، ونحن مع العدالة الانتقالية وليست الانتقامية، نحن مع جرد الحساب وليس تصفية الحسابات، مع رد المظالم وانصاف المظلوم، وعلى الحكومة أن تتجنب الوقوع في التعيينات الفاشلة في المواقع الشاغرة، لأن ذلك يرسخ مفهوم إزالة التمكين بخلق تمكين جديد.

# في إطار ما تعرضت له من هجوم ونقد من هو الشخص الذي تشعر بأنه تخلى عنك وخذلك؟


بودي أن أقول لك أن ثقتي كانت بلا حدود منحتها لأشخاص كُثر، ظناً مني أنهم جديرون بها، ولكن أدركت بأني كنت مخطئاً ووضعتها في غير محلها وهم يعرفون ذلك من غير تشهير، ومثل هذه الجمل التي تقال في هذه المناسبة، ولكن أكثر من كنت سأوجه لهم هذه الرسالة، يعتذرون لي في كل مناسبة وعدمها، لذا فأنا تفهّمت أن الهجوم علي كان (من ضرورات المرحلة)، فلن أقف في وجه طريقهم نحو السلطة.