الاستاذ المحامي حاتم السر علي
الموقع الشخصي للأستاذ
ابراهيم عبيد

إبراهيم عبيد…كان بدري عليك!!!

Share on facebook
الفيسبوك
Share on twitter
تويتر
Share on linkedin
لينكدإن
Share on whatsapp
الواتسآب

نزل علينا نبأ رحيل الشقيق الأستاذ ابراهيم عبيد حسن كالصاعقة وأعلم كم كان نبأ رحيله صادما ومؤلما ومحزنا لكل من عرفه خلال مسيرته الحافلة بالتنوع منذ أن كان معلما ثم اعلاميا ثم سياسيا ثم رجل اعمال وسيرته العطرة تترد في السودان والامارات ومصر واريتريا. بدأ الفقيد حياته المهنية معلما ثم إلتحق بالإذاعة والتلفزيون السوداني ومن هناك هاجر الي دولة الامارات العربية المتحدة وأقام بمدينة دبي لأكثر من أربعة عقود وكان من ضمن الرعيل الأول الذي أسس محطة تلفزيون دبي.

وداعا استاذ إبراهيم عبيد لفقدك تدمع العيون وتنفطر القلوب وتنكسر الارواح وتفجع النفوس. أعذرنا يا أبو الخليل فتواجدنا بالخارج حرمنا وحرم العديد من أصدقائك ومعارفك ومحبيك من وداعك وتشييعك والصلاة على جثمانك الطاهر والدعاء عند قبرك بالثبات والقبول.

لقد تعرفت علي الفقيد العزيز في القاهرة بداية التسعينيات وكان والله رجلا تحبه من أول لحظة تراه فيها لأن رقته التي تشبه النسيم وطبائعه التي تشبه الملائكة وأخلاقه التي تشبه الصالحين وهيبته وهيئته التي تشبه العظماء تجبرك على احترامه وتقديره. رغم أن علاقتي المتأخرة به إستمدت أصلها من تقاسمنا لبعض صفحات من تاريخ النضال الوطني ضد الانقاذ في تلك الفترة التي كان فيها ابراهيم عبيد في مركز الصدارة ممثلا لحزبه الاتحادي الديمقراطي في تحالف المعارضة (التجمع الوطني الديمقراطي) ومدافعا عن بلاده وحق شعبها في الحرية والديمقراطية والسلام، الا أن العلاقة بيننا والصلة قد استمدت قوتها من علاقة الفقيد بوالدنا الخليفة أحمد الخليفة مكي عربي قدس الله سره ونور الله قبره فقد كان بيت إبراهيم عبيد الكائن بشارع جامعة الدول العربية بالمهندسين مقر لإقامة الخليفة أحمد بالقاهرة كلما استدعاه إليها سيادة مولانا السيد محمد عثمان الميرغني .ومن هناك عرفت ان ابراهيم ابن اخت الخليفة أحمد مكي عربي وهو سليل أسرة أم درمانية كريمة وعريقة أنجبت رجالا سجلت أسماؤهم بحروف من ذهب في صفحات التاريح الوطني وساهموا بأدوارهم في رفد السودان بالمعارف المهمة تاركين أثرا وبصمة في الشأن العام منهم الأستاذ عبدالله عبيد في مجال السياسة والصحافة والدكتور حسن عبيد في مجال الطب والدكتور امام عبيد في مجال الاعلام ودكتور احمد عبيد ودكتور السر عبيد والأستاذ علي عبيد ومن هنا أدركت سر التفوق والتميز الفطري للفقيد إبن هذه الاسرة والشيء من معدنه لا يستغرب.

حقا لقد مضي زين الرجال وأشرف الابطال ابراهيم عبيد الذي كان شقيقا رفيعا ومميزا وقياديا مقربا من رئيس الحزب وزعيم المعارضة مولانا السيد محمد عثمان الميرغني وتولي مهاما وانجز تكليفات وأمسك بملفات سياسية ومالية وإدارية وإعلامية ودبلوماسية في أشد الظروف واعقدها وأنجزها بنجاح وكفاءة عالية .وعندما اشتد الهول وعظم الكرب وحميت المواجهة مع الإنقاذ في سنواتها الاولي وأصبحت هناك مخاطر واضرار من العمل المعارض وعندما اصبح للالتزام الحزبي والمواجهة تبعات وثمن باهظ اجاد البعض سياسة التملص وادوا دور التهرب من تحمل المسؤولية بدهاء واحترافية لا نظير لها وتفننوا في التنكر للحزب والانكفاء علي شؤونهم الخاصة وكأنهم لا يعرفون هذا الحزب في يوم من الايام (والدفتر ممتليء بنماذج من هذا القبيل) هنا انبري الفقيد العزيز وتصدي لتحمل المسؤولية وشارك في مناشط المعارضة بكل قوة واقتدار غير مبال او آبه بأثر ذلك على أعماله الخاصة التي كانت تدر عليه عائدا كبيرا.

ذكرياتنا مع الفقيد إبراهيم عبيد تمتد بامتداد سنوات معرفتنا به من (١٩٩٠م الي ٢٠٢٠م ) وتغطي معظم الدول والعواصم العربية والافريقية والاوربية والفعاليات التي شاركنا فيها ممثلين لحزب الحركة الوطنية السودانية. وقد تشرفت بمرافقته في عدد من المأموريات لعدد من المحطات وكان نعم الرفيق والصديق. وتتعدد المواقف وتتشعب المآثر والمناقب لهذا الرجل الامة. ولست بصدد حصرها أو إبرازها وهذه مهمة لا ادعي القدرة على الالمام أو الاضطلاع بها لوحدي واعترف بوسع هذا الميدان وأرجو أن يأتي اليوم الذي تنشر فيه أدوار الفقيد العزيز وتروي فيه الأسرار السياسية التي رافقت إنطلاقة العمل المعارض ضد الإنقاذ من خلال مظلة التجمع الوطني الديمقراطي كأكبر وعاء سياسي يجمع القوي السياسية والنقابية والعسكرية في تحالف واحد وما شهدته تلك الفترة من أحداث وتطورات داخلية وخارجية كان الفقيد جزءا لا يتجزأ من مطبخ صناعتها.

نشهد يا أبا محمد انك كنت من أوفي الأوفياء وأصدق الأصدقاء وأكرم الكرماء وأشجع الأشقاء .فقد عشت كريما تشهد بذلك دورك المفتوحة ومكرماتك الممنوحة .ومت عظيما تتعايش مع الاسقام والامراض والاوجاع بدون ان تشعر أحدًا بذلك .وستبقي كبيرا في عيون كل من يعرفك ويكفيك الذكر الطيب قبل مماتك وبعده .لقد تركت المكرمات يتيمة بعد رحيلك فمن للكرم بعدك ومن للسماحة بعدك ومن لنقاء القلب بعدك .نعزي في فقدك رئيس الحزب ومرشد الختمية مولانا السيد محمد عثمان الميرغني وكل الاتحاديين وخالص العزاء لأسرتك الكريمة ولرفيقة دربك المكلومة السيدة علوية خشم الموس وبناتها وابنها محمد والعزاء لكل إخوانك وأخوالك آل الخليفة مكي عربي وعموم أهلك وذويك. ووداعا أيها الشقيق الصديق ابراهيم عبيد أجزل الله لك العطاء وأنزلك منازل الانبياء والشهداء وجزاك عنا خير الجزاء. انا لله وانا اليه راجعون.

  • تم النشر يوم 19/10/2020 بصحيفة السياسي السودانية