الاستاذ المحامي حاتم السر علي
الموقع الشخصي للأستاذ
حوار صحيفة الرياض السعودية

حوار صحيفة الرياض السعودية

Share on facebook
الفيسبوك
Share on twitter
تويتر
Share on linkedin
لينكدإن
Share on whatsapp
الواتسآب

حاتم السر القيادي البارز بالحزب الاتحادي الديمقراطي الاصل في السودان لـ ” الرياض”

العلاقات مع السعودية استراتيجية ومحصنة وعصية علي الاستهداف.

الشعب السوداني لن ينسي وقفة الملك سلمان وولي عهده في رفع العقوبات .

المملكة منخرطة بكلياتها في دعم السلام وعملية الانتقال في السودان .

العلاقة السعودية السودانية المصرية هي صمام الأمان في ملف أمن البحر الأحمر.

 

الخرطوم – بليغ حسب الله

 

يصنف السياسي السوداني البارز حاتم السر وزير النقل الاسبق والقيادي في الحزب الاتحادي الديمقراطي الاصل الذي يقوده الزعيم السيد محمد عثمان الميرغني العلاقات السعودية السودانية بأنها استراتيجية،مؤكدا ان الدعم السعودي لبلاده لم ينقطع وظل متواصلا.

وقال السر في حوار خاص مع ” الرياض” ان مايجمع بين المملكة والسودان هو وحدة الهدف والمصير لذلك،يري ان العلاقات بين البلدين محصنة من اية محاولة للنيل منها وعصية علي الاستهداف.

ويثمن السر الدعم السعودي المتواصل لبلاده،مؤكدا أن الشعب السوداني لن ينسى الدور الريادي لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز أيده الله وحفظه، وولي العهد الأمين صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان في رفع العقوبات الاقتصادية الأمريكية، التي عانى منها السودان على مدى 20 عاماً.

ويشير السرالي أن استمرار التأييد السعودي للحكومة الانتقالية في السودان، ودعمها لمواجهة الأزمة الاقتصادية التي تمر بها البلاد حاليا يقف شاهدا علي المراحل المتطورة التي وصلت اليها العلاقات بين البلدين،فضلا عن انخراط السعودية بكلياتها في دعم عملية الانتقال السياسي وعملية السلام مع الفصائل المسلحة في السودان، وكذلك دعمها لجهود الإصلاح الاقتصادي، وأيضا تقديمها للمساعدات الإنسانية للسودان في أكثر من مناسبة بل وباستمرار .

وتاليا نص الحوار :

* بعد ثورة ديسمبر المجيدة وزوال نظام الرئيس المخلوع عمر البشير من السودان كيف يمكن تصنيف العلاقات السعودية السودانية سياسيا واقتصاديا بل علي كافة الاصعدة ؟

 

تعتبر العلاقات السعودية السودانية ضاربة بجذورها فى القدم،ويجمع بينها وحدة الهدف والمصير، وهناك عوامل عديدة أسهمت في ترسيخ وتطوير العلاقات الثقافية والاجتماعية والاقتصادية والامنية والعسكرية بين البلدين الشقيقين ،حيث تبقي العلاقات بينهما محصنة من أي محاولة للنيل منها وعصية علي الاستهداف ، وقد شهدت هذه العلاقات تطورا كبيرا.

ولعبت المملكة ايضاً دورا مقدراً فى مشروعات التنمية فى السودان من خلال الاستثمارات والمشروعات الكبيرة التي اقامتها،ويمثل البعد الاقتصادي ركيزة اساسية فى العلاقة بين البلدين خاصة فى مجال الزراعة بشقيها النباتي والحيواني.

ولن ينسى الشعب السوداني الدور الريادي لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز أيده الله وحفظه، وولي العهد الأمين صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان في رفع العقوبات الاقتصادية الأمريكية، التي عانى منها السودان على مدى 20 عاماً.

*وماذا بخصوص الدعم السعودي الواضح للحكومة الانتقالية وفترة الانتقال الحالية التي يعيشها السودان؟

 

يقف استمرار التأييد السعودي للحكومة الانتقالية في السودان، ودعمها لمواجهة الأزمة الاقتصادية التي تمر بها البلاد حاليا شاهدا علي المراحل المتطورة التي وصلت اليها العلاقات بين البلدين،فضلا عن انخراط السعودية بكلياتها في دعم عملية الانتقال السياسي وعملية السلام مع الفصائل المسلحة في السودان، وكذلك دعمها لجهود الإصلاح الاقتصادي، وأيضا تقديمها للمساعدات الإنسانية للسودان في أكثر من مناسبة بل وباستمرار،كما تشكل مشاركة السودان في تحالف دعم الشرعية في اليمن، والتحالف العسكري الإسلامي قمة التعاون العسكري والسياسي بين البلدين الشقيقين، وتأكيداً على أن أمن واستقرار كل من المملكة العربية السعودية والسودان خط أحمر،إجمالا يمكن تصنيف المراحل المتقدمة التي وصلت اليها العلاقات السعودية السودانية في الوقت الراهن بالشراكة الاستراتيجية بين البلدين الشقيقين.

* بصفتك خبيرا في مجال الاقتصاد والقانون الدولي كيف تقيم نتائج مؤتمر باريس الدولي لدعم الانتقال الديمقراطي في السودان ؟

 

تباينت آراء المحللين إزاء تقييم نتائج مؤتمر باريس الدولي بشأن دعم التحول الديمقراطي في السودان والذي احتضنته العاصمة الفرنسية باريس الاثنين الماضي، وشاركت فيه وفود من مختلف الدول والمنظمات الدولية والاقليمية .ومن وجهة نظري ومع احترامي للانتقادات المصوبة لبعض النواقص أري أن الحدث قد حقق غاياته وحشد الدعم الدولي المطلوب للحكومة الانتقالية وأحدث إختراقا في ملف تخفيف عبء الديون ومهد الطريق لعودة السودان ليحتل مكانه ويندمج مع الاسرة الدولية.

* برأيكم هل تمخض المؤتمر بكل زخمه عن نتائج عملية ذات مردود مباشر تؤدي الي انتشال السودان من أزمته الاقتصادية التي باتت تهدد مستقبل الانتقال الديمقراطي؟

 

لقد كان المؤتمر خطوة مهمة في الطريق الصحيح وصولا الي التعافي الاقتصادي بالسودان وحقق نتائج مثمرة لدعم السودان،ولكن الاهم ان تبذل جهود مماثلة علي المستوي الاقليمي وستكون نتائجها مباشرة لتنمية السودان ورفاهية شعبه،وأعتقد أن الحلول علي مرمي حجر من البلاد ولا تحتاج الي الهجرة البعيدة.

* ماذا تقصد بهذه الحلول القريبة ؟

اقصد بان السودان يمكنه ان يفعل دوره الاقليمي ويعتمد علي دعم جيرانه الاقتصادي خاصة المملكة العربية السعودية التي اعلنت وقوفها بوضوح مع الحكومة الانتقالية،كما أبدت استعدادها التام لدعم الجهود الرامية لتحقيق السلام والاستقرار والتنمية بالسودان ويكفي ان نشير الي ان السودان ظل في قلب المملكة علي الدوام وعبر مختلف الحقب وتعاقب انظمة الحكم وذلك لان العلاقات السعودية السعودية تعتبر من الثوابت الراسخة في سياسة المملكة ،بلغت هذه العلاقات في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي عهده الامير محمد بن سلمان حدا من النضج والتطور غير المسبوق في مختلف القطاعات .

وعلاقات بهذه الخصائص والمزايا والأوصاف قابلة للنمو والتوسع والوصول إلى مستوى استثنائي يعود بالخير الوفير على الشعبين الشقيقين،وهناك فرص واعدة للشراكة الاستراتيجية من خلال الاستثمارات الناجحة خاصة في المجال الزراعي بما يحقق الاكتفاء الذاتى والتكامل الاقتصادي بين الدولتين ويفضي الي مضاعفة حجم التبادل التجاري الحالي،والذي لا يرقي لضخامة الموارد والقدرات والفرص المتاحة والمتوفرة.حجم التبادل التجاري الحالي بين البلدين ما يزال بعيدا عن الطموح ولا يعكس حجم العلاقات التي تربط بين البلدين؟ .وهذا يقتضي تغيير نمط التحرك والتفكير .

 

* بصفتك وزير سابق للنقل في السودان وسياسي بارز، كيف تنظر إلى الاتفاقيات التي ابرمها النظام السابق في البحر الاحمر وبالتحديد،اتفاقية جزيرة سواكن وميناء عثمان دقنة في ظل انتقادات توجه من الرأي العام الشعبي السوداني لكليهما بوصفها على حد قول البعض اتفاقيات استعمارية؟

 

لم أقضي فترة طويلة كوزير في وزارة النقل، ولم أشترك في ابرام الاتفاقيات التي ذكرتها، وهي كانت سابقة لقدومي للوزارة بزمن طويل، والمشكلة المفترضة في الاتفاقيات ليست في كونها تخص الموانئ أو أنها استعمارية أو غيرها، المشكلة كانت في البوصلة السياسية، في ظل ظرف سياسي معقد، أخطأ النظام السياسي حينها في تقدير حساسيته بوضوح.

و لو تمت ذات الاتفاقيات مع إيطاليا مثلاً، أو اليونان، لن تكون هناك أيّة إشكالية جوهرية حينها، الإشكالية هي في الرسائل المرتبكة، كان السؤال واضحًا أمام النظام حينها واليوم لا يزال واضحًا: هل أنت مع إيران أم مع العرب،مع تركيا أم مع الإمارات، ولم يكن الجواب واضحًا، وكان البشير يبدو وكأنه مع الجميع، والواقع السياسي من حوله معقد وحساس للغاية ولم يكن يقبل بنصف جواب.

كان البعض من الإسلاميين الحاكمين في ذلك الوقت واضحًا وجاهراً أنه مع قطر وتركيا مثلا وما يسمى بالثورات، وكان غيرهم ضد هذه الأفكار، ولكن البشير كان يقف بقدمين في الاتجاهين، فحدث ما حدث.

أما بخصوص ميناء سواكن فلديه خطة (Master Plan) للتجهيزات المطلوبة للبنيات التحتية والفوقية ومن ثم التشغيل وتم في العهد السابق تفاهم واتفاق مع دولة قطر لتمويل تطوير ميناء سواكن وقطع الامر شوطا ثم توقف بعد الثورة والي اليوم لم أشاهد أي تحرك عملي في هذا الصدد.

 

* ألم يحن الوقت لمراجعة هذه الاتفاقيات بما يتماشى مع الوضع الجديد في البلاد بعد الثورة والاستفادة المثلى من هذا الموقع الاستراتيجي لصالح السودان؟

 

المهم هو ضمان أن لا يكون السودان سبباً أو طرفاً في أي تهديد للعمق العربي بسبب وجود جهات اجنبية علي البحر الاحمر، هذا هو المهم في هذه المرحلة، أما كيف يتم ذلك فبلا شك الأمر يمكن أن يحتاج إلى ضمانات مشتركة،السودان لا يتوقع من الخليج إلا الدعم، وعليهم أن لا يتوقعوا من السودان إلا السلام، ومهم أن تؤكد حكومة الثورة السودانية علي أن الموانئ السودانية وأن منطقة الشرق السوداني لن تكون منصة لتوجيه أي نوع من أنواع التهديد للسعودية بأي شكل من الاشكال، فلا يعقل أن يكون جنودنا السودانيين في الحد الجنوبي بالسعودية،ويكون شرق السودان في نفس الوقت تهديداً للحرمين الشريفين.

 

* في تقديرك، على أي أساس منح الرئيس المعزول (البشير)، جزيرة سواكن لتركيا،هل من اسباب أيدلوجية وراء هذا الاتفاق الموصوف بالظالم؟

 

كثيرون قالوا إن العملية بين قوسين (المنحة )كانت خطوة تعبيرية عن عدم رضاء البشير عن الدعم الذي تلقاه من الخليج في أعقاب الازمة الاقتصادية التي كانت تمر بها البلاد، وكان يريد مد صلاته مع حلفائه التقليديين، آخرين قالوا لنا أن البشير كان مجبرًا على اتخاذ هذه الخطوة،وبالمخالفة لما سبق كان البعض يتحدث عن أنّ الخطوة كانت متزامنة مع وجود علاقة طيبة بين الخليج وتركيا في ذلك الوقت،الاتفاق بين الرئيس التركي والسوداني كان وما زال محاطاً بدرجة عالية من السرية،وكان ملفاً رئاسياً بامتياز محاطاً بسياج من الهالة الإعلامية التي تضخمه، وكان هذا يسر الإسلاميين، لأنهم يظنون أنه يرفع من قيمة الخطر المفترض، ولا أخفيك أنني كنت من الذين ينظرون إلى بعض جوانب الاتفاق على أنها تضخيم لا مبرر له، فهي بملايين الدولارات، وقد عقدنا عقودًا بمليارات لم تجد هذا الاهتمام الاعلامي الذي لا أجد له تفسيرا.

 

* بصفتك من الذين عاشوا تلك الفترة قريبا من دوائر صنع القرار بحكم شراكة فرضتها عليك تقديرات حزبية تنظيمية كان هدفها كما تابعنا مصلحة الوطن، أعطنا كواليس اتفاقية جزيرة سواكن وما المقابل الذي حصل عليه النظام السابق؟

 

شكرًا لسؤالك وافتراضك أن الشراكة فرضت عليّ، هذا افتراض صحيح ومريح. ولكن أود أن أؤكد على النقطة الأهم: إيماننا بمصلحة الوطن، وأن الحوار الذي يسع الجميع والاتجاه نحو تطبيقه بحذافيره، والنهاية إلى انتخابات كان يفترض أن تقام في 2020، كان هو الحل الأساسي.

أما كواليس اتفاق جزيرة سواكن والمقابل وغيرها من تفاصيل، فهي تفاصيل ذات أطر متعددة، الجانب الذي شهدته من ملف العلاقات السودانية التركية عندما كنت وزيرا للتجارة هو تطوير التعاون التجاري بين البلدين، ووقعت على اتفاق تجاري مع وزير الاقتصاد التركي نهاد زيبكجي يتعلق بتطوير العلاقات التجارية والصناعية ونقل تجربة تبريد اللحوم وتجهيزها وتصنيعها وتصديرها للأسواق الاوربية، وإنشاء بورصات للذهب و للسلع، وقد شرع السودان في الاستفادة من هذا التعاون التجاري مع تركيا.

وللسودان تعاون موازي مع المملكة يومها وأود هنا تسجيل إشادة بالدعم السعودي للسودان،ولابد من الإشارة الي ان السعودية كانت متفهمة تماماً للملف التجاري للسودان مع تركيا حتى بعد الاتفاق الخاص بجزيرة سواكن وتخصيصها لتركيا الذي تشير إليه وبأمانة الملف التجاري بين الخرطوم وانقرا لم يثر مخاوف السعودية اطلاقا ولكن طبيعي أن يثيرها التعاون الأمني والعسكري والايديولوجي (Ideology ).

 

* إلى أي مدى يمكن ان يشكل التغلغل التركي الايراني في البحر الاحمر مهددا للأمن القومي العربي؟

 

البحر الأحمر فيه دول عربية كبيرة، وفيه إسرائيل، وفيه نفوذ إيراني، كل هذه القوى يمكن تحليلها، صحيح ثمة وجود محدود لقوى أخرى، أظن أن العناية به مهمة للغاية ولا تغيب عن فطنة حكومات المنطقة.

طرحنا سابقًا وسنطرح دائمًا إنشاء مجلس لدول حوض البحر الأحمر، لتنسيق أمنه واستقراره وتنميته، وستظل العلاقة السعودية السودانية المصرية هي صمام الأمان في ملف أمن البحر الأحمر والامن القومي العربي، وما يبعث على الاطمئنان أن السعودية أعلنت اهتمامها بهذا الملف وأولته ما يستحق من العناية والاهتمام وأوكلت أمره لشخصية سعودية مرموقة ومؤهلة وهو السفير أحمد قطان وزير الشؤون الافريقية السعودي ويقود حاليا جهودا حثيثة للتأكيد على القيم المشتركة بين الدول المشاطئة للبحر الأحمر. ويمكن الاستفادة من رؤية ٢٠٣٠م للسعودية التي أطلقها ولي عهد السعودية الأمير محمد بن سلمان وما تشتمل عليه من مشروعات تنموية ضخمة مقترحة على سواحل البحر الأحمر.

 

* ما الذي يستوجب على السودان فعله حتى يستطيع حماية الأمن القومي العربي عبر بوابة البحر الأحمر؟

 

الأمن القومي العربي، والأمن الإفريقي، والأمن السوداني، كلها مفاهيم لا تتجزأ، والسودان جزء من منظومات إقليمية، ودولية، يحتاج إلى العمل بشكل دائم ضمن إطار فكرة الدولة، ويدعمها.

 

* كيف تنظر إلى السباق الامريكي الروسي على سواحل السودان، الفوائد والمخاطر؟

 

الامر يحتاج الي دراسة واعية وشاملة وعميقة لابعاد السباق الامريكي – الروسي علي سواحل البحر الاحمر خاصة ان البشير كان قد ابرم في آخر ايام حكمه اتفاق مهم مع الرئيس الروسي بوتين ضمن اتفاقيات ضمت مصر وسوريا ايضا وكان هذا الملف مربحا ومزعجا في ذات الوقت وكانت زيارات البشير الي روسيا ولقاءاته مع الرئيس بوتين لافتة للانظار ومثيرة للاهتمام ومحلا للتحليل وكانت دائما تثير البلبلة واللغط لدي العديد من الدوائر والبشير كان يبدو سعيدا بسياسة خلط الاوراق ومسك العصا من المنتصف وحقيقة لا ادري الي اين وصل هذا الملف الآن. أما بخصوص أمريكا فهي دولة كبري ومهمة ويهم السودان ان تكون له علاقات طيبة معها والسودان ليس من مصلحته ان يكون طرفا في السباق الامريكي / الروسي . البلاد تحتاج الي علاقات سوية مع جميع القوي الدولية والاقليمية وامريكا وروسيا صديقان للسودان والقوانين الدولية وحدها كفيلة بتنظيم الملاحة الدولية في البحر الاحمر.

  • نشر في صحيفة الرياض السعودية العدد رقم١٩٣٢٨ بتاريخ الثلاثاء ٢٥ مايو ٢٠٢١م.